من الظواهر السيئة

ربما تؤثر البيئة تأثيرًا قويًا في سلوك الفرد وأخلاقه وسلوكياته وهذا التأثير متغير بتغير وعي وإدراك الشخص وقوة تأثير تلك البيئة فيه. ومما لا شك فيه أن الأمر ليس بمذموم على الإطلاق وإنما يوجد من هذه المكتسبات ما هو يوافق ديننا ومنها ما يخالف. (العلاقة مع الآباء)

العلاقة مع الآباء
Death & Dying – LoveToKnow

ولما شرعت في الكلام عن ظاهرة سيئة فاخترت أن أكتب عن ظاهرة تؤثر تأثيرًا سلبيًا على الفرد سواء عاجلًا أو آجلًا كما أنها تؤثر على المجتمع بأكمله وأنها تعود عليه في الآخرة بالحسرة والندامة والخسران.

وأعدها رسولنا الكريم أنها من الكبائر بل وأنها من الذنوب التي يعجل الله عقابها في الدنيا قبل الآخرة.
ولم أطلق مسماها على اسم المقالة لأسباب منها حتى لا ينفر الشباب من القراءة، ومنها أن الشباب تعود على قراءتها دون أن تؤثر فيه ألا وهي (عقوق الوالدين) ولا أتوسع في المسألة توسعًا دينيًا بالقدر الكبير الذي يدعو إلى الملل من القراءة فهناك من أجاد وتوسع وأُلفت المجلدات في هذا الأمر لخطورته. ولكن يكفيني الإشارة إليه والتحذير من عواقبه.

ونبدأ بخير الكلام

(وَقَضَىٰ رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا ۚ إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِنْدَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلَاهُمَا فَلَا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ وَلَا تَنْهَرْهُمَا وَقُلْ لَهُمَا قَوْلًا كَرِيمًا) [سورة الإسراء 23].

فإني أعلم تمام العلم أيها القارئ أنك قرأتها بل وسمعتها كثيرًا. ولكني هذه المرة أحيلك قبل استكمال قراءة مقالتي أن تعيد قراءتها والوقوف لا أقول مع كلماتها وإنما مع حروفها، وأن تتأكد وتكون شديد اليقين أن الله يخاطبك أنت بكلامه ﷻ، وأعتقد أنك إذا اعتقدت ما أقول لك لانخلع قلبك من هول الموقف وكيف أن ربك يخاطبك ويخصك بكلامه سبحانه وتعالى.

وأنه سبحانه وتعالى في غير موضع من قرأننا ولعظم حق والدينا حتى لو دعوك للشرك الذي لا يغفره الله. فقال تعالى فلا تطعهما وصاحبهما في الدنيا معروفا. وفيها يظهر لك جليًا عظم وقدر حقهما. نسأل الله أن يرزقنا وإياكم حسن البر.

وهنا وجبت وقفة كي أحيلك من خلالها إلى كلام سيد المرسلين، إذ يقول ﷺ. عن البخاري رحمه الله عن المغيرة بن شعبة، قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: “إن الله حرم عليكم عقوق الأمهات، ووأد البنات، ومنع وهات، وكره لكم قيل وقال، وكثرة السؤال، وإضاعة المال”. [1]الراوي : المغيرة بن شعبة | المحدث : مسلم | المصدر : صحيح مسلم. الدرر السنية

وإن كان من الذنوب صغائر فإن ذلك الذنب من الكبائر وبوب له جل العلماء في كتبهم وصنفوه من الكبائر. وإذا حرم الله ورسوله أمرًا فإن فاعله وجبت عليه العقوبه هذا في الآخرة.
أما في الدنيا فالأمثلة أمام عينيك كثيرة ولا أذكر هنا شيئًا منها ولكن عليك أن تعلم أنه كما تدين تدان.

إقرأ أيضاً:  السعادة في صلاح البال

مساحة إعلانية


أيخاصم الرجل والديه – العلاقة مع الآباء

ولما كانت الأمور تسير على الندية دون مراعاة لدين ولا دنيا ولا حتى مرعاة لشيخوخة أبائنا فتذكرت حينما سُئل إمامنا الشافعي رحمه الله أيخاصم الرجل والديه قال ولا مع نعليهما.

فانظر يرحمني الله وإياك قدر الخوف من الله وحسابه إذا عق الرجل نعل والديه فهؤلاء العلماء وأمثالهم أحق بالتأثير فينا وعلينا.
فلا تحاول بما أتاك الله من علم إقامة الحجة عليهما أو إثبات أنك على الصواب وهم على الخطأ ولكن كن مستغلًا لهذا العلم وهذه الحكمة التي أتاك الله إياها أن تستخدمها في طاعة ربك ورضاه وبر والديك واجتهد في رضاهما فالخاسر من أدرك أبويه أحدهما أو كلاهما ولم يدخلاه الجنة.

نعم عقليهما ربما من الجهد والتعب والمشقة على مر السنين لا يكون كما تريد ولكن عليك أن تتأكد أن هذا التعب ما جاء إلا من أجلك وأجل أن تصل إلى ما وصلت إليه وأنا أعلم أنك تحسن لمن أحسن إليك بل وتهادي من أهداك.

فكيف الحال بمن أهداك عمره فلا أقل من أن تهديه عمرك ويكون قليلًا.
فإن أردت أن تسمع دعوات والدتك او والدك وهو يقول لك:

“ربنا يجعل ولادك حنينين عليك أكتر من حنيتك علينا.”

فلا ينسلخ منك يومًا إلا وأنت بارً بهما فلا تدري فربما تتغير حياتك بدعوة لك فلا تجعلها دعوة عليك.

واعلم يرحمني الله وإياك أن كثيرًا من أفعال العبد قد يندم عليها وأوقات يحزن لإضاعتها ومعروفًا يقول بعده يا ليتني إلا طاعة ربك ووقت ضاع في علم يقربك من ربك وبرًا بوالديك.

العلاقة مع الآباء

ولا بد أن تتحلى علاقتك بوالديك بمزيد من الصبر والعطاء والتواضع والبعد كل البعد عن الندية وإثبات الشخصية وأن تجتهد بكل ما أوتيت من حكمة وقوة وعلم ورجاحة عقل أن تُنحي مشاكلك الحياتية بعيدًا عن والديك، فوالله حتى مجرد أن تشكو لهما مرارة الدنيا تزيد من آلامهما. دائمًا كن سعيد وأنت بجوارهما ويكفيك أن تنظر لحال من فقد أبويه كيف يتغزل حتى في نعالهم أمام بيوتهم.

بل لك أن تعلم أن أحدهما كان لا يستطيع الأكل بحضرة والديه ولما سُئل عن ذلك فقال أخشى أن تسبق يدي إلى طعام اشتهته أعينهم فكان لا يأكل إلا بقايا طعامهم.

وفي نهاية مقالي

أسأل الله أن لا أنهاكم عن أمر وأقع فيه. كما أسأله ﷻ أن يرزقني وإياكم حسن المعاشرة والبر وأن نكون من أعمال والدينا التي لم تنقطع حتى بعد وفاتهما، كما أسأله سبحانه وتعالى أن يبارك في أعماركم وأعمار والديكم.
ولا تنسونا من صالح دعواتكم.

كتبه
محمد خيري بدر
معلم بالتربية والتعليم بمصر

العلاقة مع الآباء

إقرأ أيضاً:  وهم الفشل... ويقين النجاح


لا تنس أن تشترك في النشرة البريدية الأسبوعية لمنصة المقالة ليصلك جديدنا على بريدك الإلكتروني كل يوم جمعة، وذلك من خلال النموذج أدناه و بنقرة واحدة:



هذه المقالة تعبر عن رأي كاتبها ولا تعبر بالضرورة عن منصة المقالة.


مساحة إعلانية


الملاحظات أو المصادر

الملاحظات أو المصادر
1 الراوي : المغيرة بن شعبة | المحدث : مسلم | المصدر : صحيح مسلم. الدرر السنية
⇐ لا تنس عمل مشاركة (Share)

المقالة التالية

المازوخية الغذائية: "هوس" الفلفل الحار

الأثنين أغسطس 9 , 2021
تمت قراءته: 2٬844 “المازوخية” أو “المازوكية” Masochism: “تلذذ بإيذاء النفس. جسديًا، أو نفسيًا، أو كليهما”. وقد اشتق المصطلح من اسم الروائي النمساوي “ليوبولد فون زاخر مازوخ” (1836-1895) عندما كتب روايته (فينوس في الفراء Venus in furs) التي يتسم فيها أبطالها “بالتلذذ بتعذيب أنفسهم”. لكن لماذا يتلذذ أناس بأكل الفلفل الحار؟ […]
الفلفل الحار

اقرأ أيضاً

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

error: رجاء عدم محاولة النسخ، وعمل مشاركة/شير أو استخدم رابط صفحة المقالة كمرجع في موقعك - جميع الحقوق محفوظة لمنصة المقالة