فلا تقل لهما أف ولا تنهرهما
من الحقائق الغضة الناصعة التي لا تقبل أي جدال أنّه ورد في الكتب الإسلامية كثير من ذكريات الوالدين، عن حقوقهما، واتصالات راسخة وعلاقات وطيدة بالكتب والأحاديث، لا تجد خير بغير أداء حقوقهما، ويحك! تقصر في أداء حقوقهما وتنقص في اتباع أقوالهما، وتنزع أموالهما. هل تظنون أن تكون العاقبة خيرًا لك بدون أداء حقوقهما؟ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: الجنة تحت أقدام الأمهات. [1]حديث ضعيف – دار الإفتاء المصرية
كم من عبر سمعتم وكم من أحاديث دريتم، ولكن ما فائدة السماع والدراية؟ حقًا يا أخي، لا ترى أي بلد خالية من ظلام الوالدين، هذه الأرض ما تسير مع الظالمين! هذه الدنيا ما تبيت مع الفاسقين!
ومن الأجدر بالذكر أنّ رضى الله معلق برضى الوالدين، والله يستجيب دعواتهما، فمن لم يأت حقوقهما وقصر في أداء حقوقهما فكيف يفوز بالدرجات العليا وكيف ينعم بالنعيم المقيم؟ وكيف يتمتع بحظوظ الدنيا والآخرة؟
فلا تقل لهما أف ولا تنهرهما
لو أمعنا أنظارنا إلى أوراق التاريخ نجد أن المؤرخين بينوا كثيرًا من الحوادث المعبرة والوقائع المبينة، كما سرت واقعة في ورقة من أوراق التاريخ، أن رجلًا كان جزارًا ما عمل أعمال الخيرات من الصلاة والزكاة والصوم، إلا خدمة الأم، يأكل اللحم كل يوم ويطعمها لا غير ذلك، يذهب الجزار إلى ميادين متشعبة لطلب الألوف، لكن يومًا من الأيام لم ينل طعام البقرات فسار لطلبه سيرًا، حتى تأخر في العودة، وكانت أمه مضطربة بسبب غيابه، فانتظرت أمه أمام البيت حتى نامت، فلما عاد الرجل إلى بيته وجد أن أمه قد نامت، قرر أن يسقي أمه اللبن بالكوب فأخذها وقام أمام فراشها.
في وسط الليل استيقظ من النعاس وسألته سبب القيام، قال الرجل كنت أتيت وأنتِ تنامين، أعطاها اللبن وشربت أمه ودعت له دعاء الجنة وخير العاقبة، حتى مرت الأيام ومر الزمان. يومًا مات الجزار، أحد الصالحين من قريته رأى في المنام أن الجزار يتمتع في الجنة، قال الرجل للجزار ما رأيت في الأرض قط لك خيرًا من الأعمال، فأجابه: وصّلتني في هذه المرتبة المرتفعة والمنزلة العليا خدمة الوالدة فقط.
تعب الوالدين
كانت هذه نبذة يسيرة معتبرة عن عمل الرجل، فهذه الواقعة دليل واضح لحديث النبي: إن الجنة تحت أقدام الأمهات. كم من أحاديث تواترت وكم من آيات تكررت لبيان فضل الوالدين. قد تهمل مشكلات ضخمة ومعضلات جمة لا توصف بأي صفات ولا تعبر عنها بأي عبارات. توجه المعضلات المتنوعة منذ أن كنت نطفة، الولد معلق في صلب أبيه ثم في بطن أمه، فكم من نهار تركت طعامها اللذيذ الشهي، وكم من ليالي سهرت أمك، وكم من أمراض أهملت بغير علاج، وكم من أوجاع أصابت بغير دواء، كل ذلك لأجلك ولوجودك يا أخي، فكيف تستطيع أن تعذب تلك المرأة الغير العاصمة، هل لك نجاة من النار بتعذيبها؟ هل لك فلاح باستبدادها؟
القرآن شاهد والبرهان لامع والأمثال فيها كثيرة فلا تحصى، وفضائلهما غزيرة فلا تحكى، منها ما قال الله سبحانه وتعالى (فَلَا تَقُل لَّهُمَا أُفٍّ وَلَا تَنْهَرْهُمَا وَقُل لَّهُمَا قَوْلًا كَرِيمًا (23) وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ وَقُل رَّبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرًا (24)) [الإسراء].
عن النبي صلى الله عليه وسلم (أَقْبَلَ رَجُلٌ إلى نَبِيِّ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ فَقالَ: أُبَايِعُكَ علَى الهِجْرَةِ وَالْجِهَادِ، أَبْتَغِي الأجْرَ مِنَ اللهِ، قالَ: فَهلْ مِن وَالِدَيْكَ أَحَدٌ حَيٌّ؟ قالَ: نَعَمْ، بَلْ كِلَاهُمَا، قالَ: فَتَبْتَغِي الأجْرَ مِنَ اللهِ؟ قالَ: نَعَمْ، قالَ: فَارْجِعْ إلى وَالِدَيْكَ فأحْسِنْ صُحْبَتَهُمَا) [2]الراوي : عبدالله بن عمرو | المحدث : مسلم | المصدر : صحيح مسلم. الدرر السنية. فنستدل أن النبي بهذا الحديث فضل خدمة الوالدين عن الخدمات الأخرى.
خدمة الوالدين (فلا تقل لهما أف ولا تنهرهما)
تبادرت إلى ذهني هذه الكلمات: أن خدمة الوالدين أفضل من الجهاد في سبيل الله، واتفق العلماء العباقرة والفقهاء النبلاء والأولياء الأوفياء أن خدمة الوالدين مفتاح الجنة ورضى الله تعالى.
إن الأمة المسلمة التي ظهرت نواتها قبل قرون لم تبعد عن خدمة الوالدين ولم تكسل عن أداء حقوقهما، ولكن اليوم كثير من الظلام بسبب البعد عن ذكر الله.
لكل شيء من الأشياء له مفتاح.. كمفتاح الصلاة الوضوء، ومفتاح الكتب القراءة، كذا مفتاح الجنة الصلاة، ولكن لا تقبل صلواتك وأورادك بتعذيبهما، لهذا أكتب لكم أن تعملوا عملًا صالحًا، وترجعوا إلى ربكم، ولا تعذبوا الوالدين.
محمد شاه جهان بن تيمول حق
طالب جامعة دار الهدى الإسلامية
بنغال الغربي
لا تنس أن تشترك في النشرة البريدية الأسبوعية لمنصة المقالة ليصلك جديدنا على بريدك الإلكتروني كل يوم جمعة، وذلك من خلال النموذج أدناه و بنقرة واحدة:
مساحة إعلانية
محمد شاه جهان بن تيمول حق من الهند. يتعلم في جامعة دار الهدى الإسلامية القائمة في رحاب بنغال منذ خمس سنوات، وله كثير من المقالات المنشورة.يحب الكتابة والصباغة في كل الأوقات.
الملاحظات أو المصادر
↑1 | حديث ضعيف – دار الإفتاء المصرية |
---|---|
↑2 | الراوي : عبدالله بن عمرو | المحدث : مسلم | المصدر : صحيح مسلم. الدرر السنية |