كنت أشاهد فيلمًا وثائقيًا يتحدث عن الصين. و كان يعتبرها هي القوة القادمة. والتي سيكون لها ثقل مستقبلي، اقتصاديًا، وربما في مجالات أخرى. لكن كل ما سبق لا يعنينا، وبينما أنا أشاهد، إذ بي ألحظ أن البلد مليء بكاميرات المراقبة. وعندما بحثت، وجدت أنها تصنف كأول دولة تراقب شعبها، وأنهم ملتزمون بما تنص عليه القوانين، لكي لا يتم عقابهم من طرف السلطات. (لأنك الله)
من المؤسف حقًا أن نرى مثل هذا، ولكن من المؤسف أيضًا، أن نخضع للبشر ولا نخضع لرب البشر. فنحن على علمنا بمراقبة الله لنا في السر والعلن، لا نتحرج أن نعصيه، فهذا يزني متخفيًا، والآخر يشرب الخمر، والأخرى تلمز وتهمز، وآخر يرشي، وآخر يتعامل بالربى، وآخر يسب الله والرسول.
وإن عددت لك المعاصي التي نقترفها ونسمعها ونشاهدها كل يوم، لملأت لك مجلدات من آلاف الصفحات، وهذا يحدث تحت علم الله، بل في أرضه وفي وسط نعمه وما سخره لنا.
لأنك الله
من أجمل أمهات الكتب التي قرأتها يومًا كان كتاب “لأنك الله” للدكتور جابر بن علي الفيفي. وفيه يقول:
فقلت لها -كاذبًا- نعم!
فنظرت إليّ نظرة شك، وقالت: قل ما شئت. ولكنه قد رآك!
فأفزعتني “قد رآك” هذه. وجعلتني أنهض لأصلي. رغم ادعائي الكذب!
على جمال تربية الأم الصالحة والتي تهتم أن تعلم ابنها الإحسان وهو مرتبة متقدمة من الإيمان. فَعُرِفَ على أنه أن نعبد الله كأننا نراه، وإن لم نكن نراه فهو يرانا. شدني قول كلمة “فأفزعتني”. فبعلمنا بمراقبة الله لنا وإقرار ذلك في صدورنا، سيصلح كل شيء في حياتنا بل في كل العالم.
عندما تراودك نفسك لترتكب معصية، تذكر أنه يراك، فتحيد عنها؛ وعندما تضيق بك الأرض بما رحبت، تعلم أنه يراك، فيطمئن قلبك؛ وعندما تفقد عزيزًا أو حبيبًا، تتذكر أنه يراك، فتصبر.
ومن جميل ما قيل في هذا الشأن هو قول الحبيب صلى الله عليه وسلم لأبي بكر يومًا وهما في الغار، عندما بلغ القلق من أبي بكر مبلغه، خاطبه الواثق من ربه العالم بأنه يراه: {لَا تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا} [التوبة – 40].
كل ألمك كل حزنك كل قلقك، سيتبدد عندما تؤمن بأنه يراك؛ كل تلك المعاصي والذنوب، تلك المرات التي حِدت فيها عن طريق الصواب، والمرات التي أوصدت فيها الأبواب على نفسك، ظنًا منك من أنه لا يراك أحد ستنتهي؛ كل تلك المرات التي عققت فيها أبويك، أو صاحبتك رفاق سوء، أو اختليت بفتاة، ستزول لأنك تعلم أنه يراك.
الله معك
فكم هو جميل أن نستشعر مراقبة الله لنا، فكل الأمان والاطمئنان، والشعور بغفران الذنوب عن التوبة والندم ستتحق، لأنك تعلم أنه معك في كل دقة قلب وكل تنهيدة وكل سكنة وحركة.
الضيف بلول
لا تنس أن تشترك في النشرة البريدية الأسبوعية لمنصة المقالة ليصلك جديدنا على بريدك الإلكتروني كل يوم جمعة، وذلك من خلال النموذج أدناه و بنقرة واحدة:
مساحة إعلانية
الضيف بلول من الجزائر، يدرس تخصص التاريخ بجامعة الشهيد حمة لخضر. يهوى الكتابة وممارسة الرياضة.