الحب الأول.. بين الأصل والتقليد

للحب عدة مفاهيم ومعان كثيرة.. كما لكل منا منظوره الخاص تجاه هذا الشعور الوجداني الجميل والذي له أوجه متعددة ومتنوعة.. كحب الوالدين.. والأوطان.. والأبناء.. إلخ…

ولكن ما سنتطرق له اليوم هو الحب الذي يجمع بين الجنسين الذكر والأنثى لغاية الترابط والزواج.

الحب الأول
The Fellowship

الحب الأول في الحياة

ومن منا لم يعش تجربته الأولى مع الحب.. أو لم يستمتع بحبه الأول الذي غالبًا ما يكون من أول نظرة تجمع بين المحبين في وقت وجيز جدًا.. إما مصادفة.. أو في لقاء.. أوحتى حادث بسيط.. ليقدر ويكتب اللقاء الذي يجمع بين الحبيبين.. حقيقة لا أحد منا يمكنه نسيان حبه الأول أو ظرفية الإلتقاء بالمحبوبة الأولى..

فعلًا إنه أمر جميل أن تحب للمرة الأولى في حياتك،حبًا غير ذالك الذي آلفته بحضن عائلتك وأسرتك الصغيرة أو الكبيرة وأنت في مراحل الطفولة وغالبًا ما يكون يشمل الحب العاطفي كحب الأب والأم والإخوة وبعض من أفراد العائلة.. ولكن عند دخولك أولى مراحل الشباب فأن تتمرد على هذا لتبحث عن نوع آخر بعيدًا عن النوع الكلاسيكي المعتاد.. لتغرد خارج السرب بحثًا عن نوع آخر.. وما إن تلاقيه حتى يدق قلبك دقات سريعة ومتتالية كتلك التي تسبق بداية العرض المسرحي معلنة بداية فصل جديد من فصول مسرحية جديدة..

لا نعلم كيف ولا متى ولا أين ستنتهي والتي يمكن أن تكون بطلتها زميلة من الفصل الدراسي.. أو بنت الجيران.. أو بنت خالة أو عمة.. المهم أنها أسماء تنتهي بتاء التأنيث وكل ما تعرفه عنها أنها من الجنس الناعم الآخر وأنك شعرت بشعور غريب وجميل تجاهها..

الحب مرآة عمياء

إذ يأتي هذا الشعور دون سابق إنذار.. دون أن نعرف كيف؟ ومتى؟ ومن؟ فكل ما نعرفه أننا وقعنا في شئ إسمه الحب.. كما أنه ليس من الضرورة أن تكون محبوبتك مثالية ماديًا ومعنويًا وثقافيًا فهذه حسابات تُلغى في قاموس الحب الأول ويمكن غض النظر حتى عن عيوب الحبيب التي تعجز أنت عن رؤيتها في حين أن الكل يصدح بها محاولين تعليمه لها لأنك وبكل بساطة أضفت بسهوله وصفة من ألوان حبك حتى تتقبلها كما هي وتجعل منها محاسن على الأقل في نظرك لتتمجد بها وحدك دونًا عن الآخرين من الأقرباء والمحيطين بك..

الحب الأول هو الأصل

فالحب أول مرة وبعد الإنتقال من مرحلة الطفولة إلى الشباب هو الحب العذري الحقيقي حسب رأيي المتواضع.. أما ما يأتي من علاقات فيما بعد باسم الحب فهي مجرد نسخ تنتجها المشاعر طبقًا للأصل، إذ يصبح مجرد شعور لابد منه، حتى وإن كان مصطنعًا ليضاف إلى قائمة الإحتياجات اليومية كالأكل والشرب وغيره.

فلكل شئ لبه، ولب الحب أوله ونظرته الأولى بين المحب والحبيب..

وما يأتي بعد هذا الحب الأول إن لم يكتب له التوطيد والإرتباط في علاقة شرعية تجمع بين المحبين.. فهو مجرد شعور باهت به أو كسراب يمكنه أن يخدع القلب والعقل ولكنه لا يمكنه خداع الروح..

بين الأصل والتقليد

إذًا وكما قلنا سابقًا الحب الأول هو الأصلي وما تشعر به بعده هو تقليد منسوخ عن حبك الأصلي الذي كان في المرة الأولى من حياتك.. فمن منا إذًا لم يعش لحظاته الخالدة مع أول شعور وإحساس به.. ومن منا يستطيع أن ينسى ما عاشه مع حبه الأول..

ومن منا يستطيع نسيان محبوبته وحبه الأول الذي سيظل عالقًا ودفينًا في حجرة الذكريات وإلى نهاية الحياة..

الحقيقة أن أغلبنا عاش كل القصة أو جزء منها.. ولكن كذلك لكل منا نهاية مع أول حب في حياته وليس بالضرورة أن تكون كل النهايات سعيدة لأن القدر ليس رحيمًا أو منصفًا معنًا دائمًا إلى هذه الدرجة المثالية حتى تحدد النهايات دائما بالسعادة.. فدائمًا ما يكون للقدر الرأي الحاسم.. لذا فغالبًا من كن بطلات حبنا الأول لم نرتبط بهن وربما يجهلن حتى أننا أحببناهن يومًا.. لأننا لم نكن نمتلك الشجاعة حتى نصارحهن بذلك.. وهذا جزء آخر من سخرية القدر..

لذا وكما قلت سابقًا للقدر رأيه ونحن مجبرين على إحترامه فلربما من أحببناهن لن يكتب لنا الإرتباط بهن ولن نكمل مسيرتنا في هذه الحياة برفقتهن.. ويمكن أن نربط مصيرنا بأخريات لم نضعهن يومًا بالحسبان وفي هذه الحالة وكما يقال الحب يأتي بعد المعاشرة، والألفة تتولد مع الوقت ليبقى السؤال المطروح هل ننسى الحب الأول بمجرد الإرتباط بشخص ثاني.

الغير المنسي؟

لا أعتقد أنه من السهل نسيان الحب الأول في حياتنا.. وسنظل على الأقل نحتفظ به أو بجزء منه في دواخلنا ومكنوناتنا.. لنتذكره بين الفينة والأخرى في قرارات أنفسنا؛ وبالتالي فذكرياته لا تغيب عنا بل يمكننا نسيانها سهوًا لفترة من الزمن ولكن لطالما نعود لنتذكرها بيننا وبين أنفسنا في أقرب فرصة تعود فيها عقولنا إلى حنين الماضي، ودون أن نجرح رفيقة الحاضر أو نحرجها بالتكلم عن حبنا الأول في الماضي.. وحتى لا نجعلها تشعر أن الرابط بيننا هو مجرد نسخة عن أول شعور بالحب لم يكتب له النجاح.. ليبقى الأصل هو ذلك الشعور الأول وأنت في مراحل شبابك الأولى التي نجزم أنها لن تعود يومًا.. وبالتالي لن يعود معها لذلك الشعور الجميل الصادق بالحب الأول ليبقى هذا الأخير هو الأصل، والباقي تقليد أنتجته وصممت المشاعر للإستهلاك فقط.

مع تحيات
سعيد لقراشي

 

إقرأ أيضاً:  حياتي ذكرياتي... ومستقبلي الآتي - مراحل الحياة (فلسفية)


لا تنس أن تشترك في النشرة البريدية الأسبوعية لمنصة المقالة ليصلك جديدنا على بريدك الإلكتروني كل يوم جمعة، وذلك من خلال النموذج أدناه و بنقرة واحدة:



هذه المقالة تعبر عن رأي كاتبها ولا تعبر بالضرورة عن منصة المقالة.


مساحة إعلانية


 

⇐ لا تنس عمل مشاركة (Share)

المقالة التالية

الترجمة وأبحاث السوق

الأحد مايو 2 , 2021
تمت قراءته: 2٬805 إذا نظرت إلى السوق من حولك فستجد أن أي منتج وكل منتج هو نتاج لأبحاث ودراسات أجريت على السوق. ثم يأتي بعد ذلك خطوة التسويق للمنتج كجزءٍ لا يتجزأ من عملية الإنتاج. حيث تعلن الشركة المنتجة عن المنتجات بطريقة تتناسب مع نتائج أبحاث السوق التي أجرتها قبل […]
أبحاث السوق والترجمة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

error: رجاء عدم محاولة النسخ، وعمل مشاركة/شير أو استخدم رابط صفحة المقالة كمرجع في موقعك - جميع الحقوق محفوظة لمنصة المقالة