مازلنا مع رسائل قصة سيدنا موسى عليه السلام محاولين أن نتدبرها ونستقرأ معانيها. ومن أبرز ما ذكر فيها حكاية كليم الله أحد أولي العزم من الرسل مع الخضر.
فهي مليئة بالأحداث والمواقف المثيرة للدهشة والحيرة التي تستحق التوقف عندها. كان سيدنا موسى عليه السلام في رحلة مع فتاه يوشع بن نون قاصدا مجمع البحرين وهناك قابل الخضر (فَوَجَدَا عَبْدًا مِّنْ عِبَادِنَا آتَيْنَاهُ رَحْمَةً مِّنْ عِندِنَا وَعَلَّمْنَاهُ مِن لَّدُنَّا عِلْمًا) [الكهف 65].
ورد في الأحاديث الصحيحة عن رسول الله صل الله عليه وسلم أن هذا العبد هو الخضر واختلفت التفاسير والآراء حول مكانة هذا الرجل هل هو نبي من أنبياء الله أم ولي من أوليائه الصالحين؟ والحقيقة التي لا يختلف عليها أحد أن الكل عباد لله بمن فيهم الأنبياء والأولياء بل والبشر أجمعين.
أراد الله أن يخبرنا أن ما يميز هذا العبد هو ما أتاه الله له من رحمة وعلم اختصه به. فبالرغم من أن سيدنا موسى كليم الله ونبيه الذي اصطنعه لنفسه العلية إلا إنه لم يكن على علم بما عند الخضر. يسر العليم الخبير لقاء هذا العبد بسيدنا موسى كي يتعلم منه هو ويوشع بن نون خليفته في قيادة بني إسرائيل ما أراد الله لهما أن يتعلماه. أيقن موسى وقتها أنه لم يكن أعلم أهل الأرض، ولا يستطيع أحد أن يحيط بعلم الله مهما كانت منزلته.
مساحة إعلانية
نجد سيدنا موسى مجاهدا في طلب العلم فقد تحمل مشقة السفر من أجله محاولا أن يتحلى بالصبر وإن لم يقدر عليه كما قال له الخضر *إنك لن تستطيع معي صبرا* ولكنه كان حثيثا في طلبه تواقا للعلم *ستجدني إن شاء الله صابرا ولا أعصي لك أمرا*.
كان موسى الإنسان هنا يمثل كل البشر وكان الخضر يقوم بمقام المنفذ لمقادير الله وأقداره التي لايعلم عنها الإنسان شيئا ولا يستطيع أن يفسر لماذا حدثت في وقتها وما الحكمة الإلهية من ورائها. أراد الله عز وجل أن يعلم سيدنا موسى ونحن معه أنه لا يحدث في كونه إلا ما أراد وأن الأمور كلها تجري وفقا لمقاديره جلى وعلى.
أوضح لنا الله من خلال المواقف التي حدثت في رحلة موسى مع الخضر أن الأمر قد يكون في ظاهره العذاب ويحسبه الإنسان أنه شر له فيكون في باطنه الرحمة والحفظ والستر من الله. كما جاء في مواقف السفينة والجدار والغلام. *وعسى أن تكرهوا شيئا وهو خير لكم* وقد يسأل المتدبر في موقف الغلام بالتحديد لماذا أعطى الله للأبوين المؤمنين غلاما خشى عليهما أن يرهقهما طغيانا وكفرا ولم يهب لهما غلاما صالحا من البداية؟ نستطيع أن نستنبط هنا ان هذا كان ابتلاء واختبار لهما. فالأصل في وجود الإنسان على الأرض هو الاختبار (الَّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَيَاةَ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا) [الملك 2] والرضا بقضاء الله والصبر بالإمتثال لمقاديره هو الطريق للفوز في هذا الإختبار.
آمال حافظ
لا تنس أن تشترك في النشرة البريدية الأسبوعية لمنصة المقالة ليصلك جديدنا على بريدك الإلكتروني كل يوم جمعة، وذلك من خلال النموذج أدناه و بنقرة واحدة:
مساحة إعلانية
آمال حافظ من مصر. تخرجت في كلية الآداب قسم اللغة الإنجليزية. عملت في مجال إدارة الفنون وتنظيم المعارض. كما شاركت في فعاليات ثقافية بمنظمات المجتمع المدني ولها دراسات متعددة في مجال الإعلام.